في فرنسا.. التحوّل الرقمي يحاصر المهاجرين بدل أن يحرّرهم

التحوّل الرقمي يحاصر المهاجرين

خرج عشرات النشطاء والفاعلين الحقوقيين في العاصمة الفرنسية باريس ومدن أخرى يوم الخميس 16 أكتوبر 2025، للاحتجاج على ما وصفوه بـ”العنف الإداري الرقمي” الذي يطال المهاجرين الساعين لتسوية أوضاعهم القانونية، في مظاهرات نظّمتها منظمة “لا سيماد” الفرنسية المعروفة بدفاعها عن حقوق الأجانب.

فقد تجمّع نحو مئة ناشط أمام مقر الشرطة في باريس، مطالبين بتبسيط الإجراءات التي باتت – وفق قولهم – أكثر تعقيدًا بعد انتقال الخدمات الإدارية إلى الإنترنت. وردّد المتظاهرون شعارات مثل “نظّموا أوضاعهم” و*”افتحوا النوافذ”*، في إشارة إلى الحاجة إلى “نوافذ إنسانية” بديلة عن البوابات الإلكترونية المعقدة.

وقالت ميشيل بومنديل، منسّقة “لا سيماد” في منطقة إيل دو فرانس، إن الرقمنة التي كان يُفترض أن تُبسّط حياة المهاجرين “تحولت إلى أداة إقصاء”، موضحة أن كثيرين فقدوا وظائفهم بسبب التأخر في تجديد تصاريح الإقامة، أو لعدم تمكّنهم من حجز مواعيد عبر المنصات الإلكترونية التي “تنهار أو تُغلق بسرعة”.

من جهتها، عبّرت الناشطة ماري لانجيه عن استيائها من “إنتاج حالة هشاشة مصطنعة”، مضيفة: “نمنع المهاجرين من الاندماج، ثم نلومهم على فشلهم في الاندماج. النظام الإداري نفسه يخلق الإقصاء”.

وتشير بيانات جمعيات مدنية إلى تزايد قرارات الطرد ورفض طلبات التجديد دون مبررات واضحة، ما يعمّق القلق بين آلاف المهاجرين المقيمين في فرنسا منذ سنوات طويلة.

مهاجرون يصنعون الاقتصاد… ويُحرمون من الاستقرار

ويرى خبراء أن المهاجرين يشكلون ركيزة أساسية للاقتصاد الفرنسي، إذ يساهمون في قطاعات حيوية مثل البناء والرعاية الصحية والمطاعم. ووفقًا لتقارير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD)، فإن إدماجهم بشكل أفضل في سوق العمل يمكن أن يعزز النمو الاقتصادي ويزيد فرص التوظيف.

غير أن الجمعيات الحقوقية تحذر من أن تشديد القوانين – خاصة بعد إلغاء تعميم فالس السابق حول تسوية أوضاع المهاجرين غير النظاميين – قد يفاقم الهشاشة الاجتماعية ويغذّي مشاعر الإقصاء.

وقالت بيبيان توغاندي، متطوعة في “لا سيماد”، إن “فرنسا تسير في طريق خطير يشبه ما عاشته الولايات المتحدة خلال عهد ترامب”، محذّرة من أن “تحويل المداهمات إلى روتين يومي يهدد النسيج الاجتماعي ويضرب قيم الجمهورية في عمقها”.